
يتأمّل الوجوه التي يصادفها يوميّاً، شخصيّات يجهلها، يصادفها في الشارع والأماكن العامّة، يجهل أصحابها، «ويرى في تفاصيلها ما يفهمه بدقة». ثمّ يتأمل وجوه الأشخاص المقربين له، ليكتشف تفاصيل جديدة، غريبة عن نظره. الفنان السوري، أحمد الفاضل، غالباً ما يجعل من الوجوه البشريّة موضوعاً أساسياً في لوحاته. هذه الوجوه، يصوّرها الفاضل، في سلسلته الأخيرة «عقل وغريزة»، بأسلوب جديد، غريب بعض الشيء، وخارج عن المألوف، في محاولة منه لتوضيخ الصراع الدائم الذي صار ملازماً للكائنات البشرية، تحديداً، بين عقولهم وغرائزهم المتعددة.
بدأت الوجوه تظهر في لوحات الفنان، عندما كان في دمشق، كان يصوّر الحزن والغضب الطاغي على المدينة، في حينها. «كنت أرى الوجوه في حالة يأس مدقع… دائمة التأهب… وتتشاجر مع بعضها على أسباب تافهة، في المحلّات التجاريّة وفي المواصلات العامّة، في كل مكان. كنت أرى صراعاً واضحاً، ولدته جميع الأزمات التي توالت على المدينة، صراع تنتصر فيه الغرائز على العقل».

بعد انتقال أحمد الفاضل إلى بيروت، حمل مع أمتعته نفس الوجوه، ولكنّها سرعان ما امتزجت بلون الحياة الجديدة. صارت تحيط الألوان بالوجوه الغريبة وسادة الصفراء، شرشف أحمر، وزرقة البحر، التي ما يزال أحمد مفتوناً بها، إلى حد الآن. بعد أن اتخذت لوحاته منحى ذاتياً، أدخل الفنان عليها فواتير طعامه وألبسته وبعض الأقمشة المزخرفة التي يستعملها لتنظيف فراشي التلوين، في محاولة منه لتوثيق بداية مرحلة جديدة في مكان جديد. لتصبح لوحاته متعددة الوسائط.
هكذا تطوّرت لوحات الوجوه الغريبة، إلى أن وصل الفاضل إلى مجموعته المؤخرة «عقل وغريزة»، والتي نعرض منها ثماني لوحات على مدونة «ماكيت».

الوجوه في هذه اللوحات، رغم تشابهها إلّا أنّنا نستطيع تمييزها. يوزعها الفنان باعتماده تأليفاً جديداً ومختلفاً في كلّ لوحة، ويظهر في كلّ منها قدرته المميزة والدقيقة في توزيع وتشكيل الخامات.
يقول الفنان أحمد في معرض حديثه حول عمله الأخير، «أستمدّ الوجوه والوضعيات والتكوينات من الشارع، وأرسمهم حسب رؤيتي الشخصيّة. تارةً الوجوه تشبه الجميع، وتارةً لا تشبه أحداً، وتارةً تشبهني أنا، فجميع تلك الوجوه هي أنا».






تعرف/ي على أحمد الفاضل:

أحمد الفاضل، مواليد دمشق 1993. فنان تشكيلي متعدد الوسائط، خريج كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي جامعة دمشق، شارك في عدة معارض جماعية في سوريا ولبنان.