
في إطار البحث عن بلورات فنية معاصرة، تأتي «ثلاثيّات رمادية» للمصور حسين الحاج. تجمع هذه السلسلة، التي ننشرها ضمن مبادرة «صور ضوئية» بين التصوير الفوتوغرافي، وفنّ الـ «Collage Art»، وفن الـ «Illustration». حيث أنَّ المصور اللبناني الشاب، انساق بشكل غير إرادي، لالتقاط صور فوتوغرافية للبحر أو الجبال، وتجميع، عناصر ثابتة كالتماثيل، في كادر واحد.
اتجه حسين الحاج، لتصوير التماثيل الجامدة لقديسين في لبنان، والتماثيل الرومانية، بعيداً عن المفاهيم الميثيولوجية التي تحملها. كان القصد توثيق لحظات الغياب، التي تحملها المنحوتات.
في الوقت نفسه، عمل حسين على تجميع قصاصات مصورة لتماثيل يوناينة، من خلال مصادر عدة. بعد ذلك، تم مزجها مع صور فوتوغرافية، التقطها بنفسه من قبل. كل هذا يأتي في سياق البحث عن مكنونات الوجود والحضور، التي يفرضها الموت.
جمالية الأمكنة، أو التماثيل، واضحة بشكل جلّي في الصور الفنية. يقوم حسين بعزل الأمكنة وما تحتويه من تماثيل وأغراض، وتركيبها في إطار فني يُعرف بجمع مواد الصور الفوتوغرافية، واللعب فيها بما يُسمى فن الكولاج. جمالية فنية، أراد من خلالها حسين الحاج، أن يعمل لإظهارها ضمن صور ثلاثية.
يمكننا أن نطلق عليها عنوان: «ثلاثيّات رمادية»، لقوّة سيطرة المتناقضين الأبيض والأسود، الموت والحياة، والقوة والضعف، الحضور والغياب، تحت ألوان رمادية. ليعكس هذا اللون الفاتح، مفهومين متناقضين للحياة، في إطار فكري، يجمع المتناقضات، ويكون مادة حياة أساسية.
في الصور نرى قصاصات لتماثيل من العهد الروماني، تظهر تفاصيل الجسد الذكوري. رغم ذلك، إلا أن موضوع الجندرية لا يُطرح في سيمولوجية الصورة. الفكرة هنا تقوم على أن أيَّ قطعة فنية، يحمل حضورُها كثيراً من الغياب.
من التماثيل الرومانية، إلى تماثيل القديسين، يغوص حسين الحاج أكثر في جمالية الأمكنة والفضاءات. العناصر الصلبة كالأحجار مثلاً، تشكل مادة أساسية في الصور، كما يتم تركيب زبد البحار مع الجبال فوقها، فتظهر الأماكن حميمة في الصور، وتطغى عليها الشاعرية.
في «ثلاثيّات رمادية» للمصور حسين الحاج: جمودٌ، يدلُ على الخلود، ويجسد الحضور والغياب. تسائل هذه الصور الشعور الذي يرافق الأحياء بعد موت الأشخاص، وما يخلفونه بعد الغياب.









تعرّف/ي على حسين الحاج:

مصور فوتوغرافي، وصانع أفلام قصيرة. تخرج من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، قسم السينما، عام 2019. من أبرز أعماله: فيلم «أرض بور»، (2019). فيلم «عسل ورماد»، (2017). مهتم بقراءة الشعر، وكتابة الخواطر. من الهواجس التي تشغله وتحفزه لتقديم فنه، ثنائية الموت والحياة.