هيلين ميرين تكتب رسالة اليوم العالمي للمسرح 2021

منذ العام ۱۹٦۲ يحتفل الـ (International Theater Institute) أو المعهد الدولي للمسرح، في اليوم العالمي للمسرح، في 27 آذر، من كل عام. يحتفي بهذا اليوم، المخرجون والممثلون والعاملون والتقنيون ورواد المسرح في كل أنحاء العالم ومحبوه. وفي كل عام، جرت العادة أن تُكتب رسالة اليوم العالمي للمسرح، من قبل شخصية مرموقة في هذا المجال، يقع الاختيار عليها من دولة محددة، تكون بمثابة إنذار يوجه إلى السلطات الحكومية التي ما فتئت تهمش المسرح طوال عقود من الزمن، أو دعوة لشد أواصر الفنانيين، من أجل إحياء هذا الفن الذي لا يموت. هذا العام، كانت كتبت هيلين ميرين رسالة اليوم العالمي للمسرح، بعد أن وقع الاختيار على الممثلة المسرحية والسينمائية والتلفزونية البريطانية من قبل المعهد لتكتب رسالة العام 2021.
لأكثر من اثني عشر شهراً، ساد الصمتُ ولم يزل، المسارح في كل أنحاء المعمورة، بسبب جائحة كوفيد-19. لا مخرجين، لا ممثلين، لا تقنيين، لا عمال تنظيفات، لا شباك تذاكر، ولا جمهور ينتظر إسدال الستارة إيذاناً ببدء العروض. قلما شهدت البشرية مثل هذا الخفوت في قاعات المسارح.
يأتي اليوم العالمي للمسرح هذا العام، على وقع الجائحة وما تفرضه من متغيرات. المسرح الذي شهد مخاضاً، في غمرة الحروب العالمية (الأولى والثانية) والأهلية (الإسبانية 1936، اللبنانية 1975) هل سيولد على هيئة شكل جديد؟
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2021:
كلمات مختصرة، رسمت اللإطار الذي يعيشه المسرح في هذه الظروف والأوقات الاستثنائية : “كان هذا وقتاً صعباً للغاية، بالنسبة للفنون الأدائية الحية. كافح فيه العديد من الفنانين والفنيين والحرفيين والنساء في مهنة، هي في الأصل محفوفة بانعدام الأمن“، تقول هيلين ميرين مستهلة رسالة اليوم العالمي للمسرح، وتؤكد في هذا السياق، أن انعدام الأمن على المستويات كافة، لم يرافق هذه المهنة منذ ولادتها فحسب، بل ارتبط بها: ” ولربما كان انعدام الأمن الذي ارتبط دائماً بهذه المهنة، هو ما مكن هؤلاء الفنانين من النجاة في ظل هذه الجائحة، متسلحين بالكثير من الذكاء والشجاعة”.
انطلاقاً من الظروف الإستثنائية، ألمحت هيلين في رسالة اليوم العالمي للمسرح 2021، إلى قدرة هذا الفن على المقاومة والتأثير والبقاء: “ففي ظل هذه الظروف الجديدة، حول الفنانون خيالهم إلى طرق إبداعية وترفيهية مؤثرة، ليتمكنوا من التواصل مع العالم، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير بالطبع إلى شبكة الإنترنت”.
وفي يومه العالمي، تعطي Helen Mirren السمة الأبدية للمسرح، كونه يتعدى الشكل الفني، ويصبح نوعاً من أنواع التواصل بين البشر: “منذ بدء الخلق، ونحن البشر نستخدم السرد القصصي كشكل من أشكال التواصل بيننا، ولذلك، فإن ثقافة المسرح الجميلة، ستبقى طالما بقينا نحن هنا “.
معلقةً الآمال على بقاء المسرح، تقول الممثلة البريطانية في رسالة اليوم العالمي للمسرح: “ولن تختنق أبداً، الرغبة الإبداعية للكتاب، والمصممين، والراقصين، والمغنين، والممثلين، والموسيقيين، والمخرجين. وفي المستقبل القريب ستزهر تلك الرغبة مرة أخرى، تدفعها طاقة جديدة، وفهم جديد للعالم الذي نتشاركه جميعاً“. وتختم رسالة اليوم العالمي للمسرح : ” وكم أتحرق شوقاً “.
على الرغم من هذه الكلمات المحدودة لميرين، إلا أنها وصفت الواقع المسرحي منذ نشأته، مروراً بالتحديات التي أُلصقت به، وصولاً إلى الوضع الراهن، مبشرةً بولادة مسرح جديد، تفرضه المتغيرات الجديدة.
كلمات اليوم العالمي للمسرح على مدى سنوات:
على مدى السنوات السابقة، كُتبت رسالةُ اليوم العالمي للمسرح من قبل مسرحيين من مختلف الدول، وكان قد وقع الاختيار العام الفائت، على المسرحي الباكستاني شاهد نديم، الذي كتب الرسالة تحت عنوان: “حين يصبح المسرح ضريحاً”.
من بلد مدجج بالنزاعات والحروب كتب نديم: “إن الأوقات السيئة هي وقت ازدهار المسرح، لإنها تمنحنا الكثير من التحديات التي يجب مواجهتها… فالمسرح يرفع فن التمثيل إلى مستوى روحاني، ليصبح المسرح ضريحاً، ويصبح الضريح مساحةً أعلى للأداء“.
وفي العام الذي سبق كل ما نعيشه على مستوى العالم 2019، وقع الاختيار على المسرحي كارلوس سيلدران من كوبا، اختار يومها، أن يخلد أساتذة المسرح الذين يعملون بصمت، في قاعات المسارح في كل الدول، ويضمحلون بعد موتهم دون تخليدهم: “كل أساتذة المسرح يحملون معهم إلى قبورهم لحظاتهم التي يتجسد فيها الوضوح و الجمال، و التي لا يمكن أن تعاد مرة أخرى، كل واحد منهم يضمحل بالطريقة نفسها، بدون أي رد للاعتبار، لحماية عطائهم و تخليدهم“.
جدير بالذكر، أن رسالة اليوم العالمي للمسرح في العام 2018، شارك فيها عدد من المسرحيين من دول أبرزها: الهند، المكسيك، بريطانيا، كما كان للبنان حصة فيها، وكتبتها حينها، الفنانة والمخرجة والممثلة المسرحية مايا زبيب، ممثلةً الدول العربية.
زبيب وضعت في رسالة اليوم العالمي للمسرح، الكثير من التساؤلات عن القمع، والجثث، والإبحار بحثاً عن حياة كريمة، والقتل، والحرب النووية، والاستبداد العالمي… وأكدت أن الملاذ الآمن في ظل هذا الجنون هو المسرح: “أين يمكننا أن نعيَد التفكيَر في حالتنا الإنسانية، ونتخيّل نظاماً عالمياً جديداً، في غير حميمية المسرح؟”.
في وقت لا تولي حكوماتنا العربية، أي اهتمام بالمسرح وصناعه ورواد، يأتي اليوم العالمي للمسرح، ليذكرنا أن المسرح سيبقى، رغم كل الصعاب، يبقى مترنحاً، في ظل انعدام مقومات الحياة، وغياب الدعم، والخطط الحكومية، التي حولت منطقتنا إلى مسرح للقتل والموت.
يمكنم الإطلاع على رسائل اليوم العالمي للمسرح التي ينشرها المعهد الدولي للمسرح من خلال زيارة الرابط التالي:
https://www.iti-worldwide.org/