فيلم الأب: أنتوني هوبكنز الكبير

عندما كان يخط الكاتب الفرنسي فلوريان زيلر، سيناريو مسرحية الأب في العام 2013، كان أنتوني هوبكنز، يدور في رأسه. وبعد سبع سنوات من عرض المسرحية على خشبات مسارح باريس، صارت المسرحية فيلماً يلعب بطولته هوبكنز. فيلم الأب (97.د)، يصور تساقط أوراق العمر، وتلاشي قوة الذاكرة والحب والفكاهة والمتعة، بوجه النسيان. حبكة فيلم الأب لأنتوني هوبكنز، جعلتنا نعيد شبك أواصرنا مع الزمن المتمثل بالمساءات الحزينة، والصباحات الثقيلة. وأيضاً ساعة اليد التي ما لبث أن يفقدها الأب أنتوني هوبكنز، وتجعله يتوه أكثر في دهاليز النسيان. ليدخلنا معه في فوضاوية وتعقيد وحيرة وارتباك. فيما يلي نقدم مراجعة فيلم الأب لأنتوني هوبكنز.
حبكة فيلم الأب:
في شقة فخمة ودافئة في لندن، يمكث الأب أنتوني هوبكنز. كل شيئ يوحي بأن الفيلم سيكون مريحاً وهادئاً. لكن قرار ابنته “آن” أوليفيا كولمن، بالانتقال للعيش في باريس مع حبيبها الجديد، يضع الفيلم على سكة التصاعد الدرامي.
أنتوني الذي يعاني من الألزهايمر، كيف سيكمل حياته وحيداً، وهو يرفض مساعدة أي أحد باستثناء ابنته؟ تعين آن ممرضة له، يرفضها ويتهمها بسرقة ساعة يده. وفي إحدى الأيام المتباطئة التي يعيشها الأب الكبير، يسمع أنتوني جلبةً من إحدى الغرف، يظهر بول الزوج الجديد لابنته. يتضح لاحقاً أن بول هو طبيب في دار الرعاية التي يدخلها أنتوني لاحقاً، مما يضفي على المتلقي مزيداً من التعقيد. هكذا يستمر الفيلم بالتصاعد الدرامي.
العناصر السينوغرافية في فيلم الأب:
في إطار مراجعة فيلم الأب، يمكن القول بأن المخرج الفرنسي سخر في تجربته السينمائية الأولى، العناصر السينوغرافية (الإضاءة، الثياب، أثاث المنزل) في خدمة حبكة الفيلم. جعلها متحركة، غير ثابتة، تدخلنا في متاهة الأحداث والشخصيات والعلاقات، وما يدور داخل عقل الأب من فوضى الأوهام.
لكن، مفاتيح عديدة يعطينا إياه مخرج فيلم الأب. اللون الأزرق الذي ترتديه الابنة أوليفيا كولمان، طوال الفيلم تقريباً… الوقت الذي يمر بين الصباحات والمساءات، طبق الدجاجة على العشاء، وساعة يد أنتوني. أعطت انطباعاً أن هذه الفوضى العارمة، ليست على قدر ما يدور داخل عقل الأب.
تكرار الجمل السردية والأحداث، وهي لعبة تمثيلية في المسرح، كانت حاضرة: “الفرنسيون لا يجيدون تحدث الإنكليزية”، يقولها أنتوني بتكرار. لعبة الساعة وفقدانها وما تحمله من رمزية الزمن وتلاشيه. كلها عناصر أضافت على الفيلم نكهة درامية مميزة، وجعلته هادئاً ومثقلاً باللعب التمثيلي في الوقت ذاته، وتسيطر عليه الأجواء المسرحية.
أداء أنتوني هوبكنز الكبير:
الأداءُ التمثيليُ غيرُ متكلفٍ وبسيط. كان واضحاً أن الأداء قوامه الإحساس والانفعالات الداخلية، التي تأتي من داخل الشخصية، ووتظهر واضحة على الخارج المحسوس للشخصيات.
وقبل الشروع في مراجعة فيلم الأب من حيث الأداء التمثيلي، جدير بالذكر أنه منذ فيلم صمت الحملان، وأنتوني هوبكنز لم يحظَ بالثناء الذي حظي به في فيلم الأب. وضع الممثل كل خبرات العمر في خدمة هذا الفيلم. كشف كل أوراقه أمامنا، وكل لحظات المجد التي عاشها، والانكسارات التي عانى منها، كان بمثابة طفل كبير ورقيق. حمل كل جماله وعفويته وسحره، وقدمها لنا، في فيلم أدخل هوبكنز التاريخ.
” أنا بنفس عمر شخصية أنتوني، وأنا أعيش نفس الكآبة “، يقول أنتوني هوبكنز. ويضيف في مقابلة له، “هذه الشخصية، من أكثر الشخصيات التي لعبتها وجلبت لي السعادة”. كيف لا، والمتعة هي الشغل الشاغل التي يضمرها الفنان في أعماقه. بالفعل، لم نعهد أنتوني بهذه الرشاقة من قبل، وبهذه الحماسة والشراهة على الأداء التمثيلي.
لم يكتفِ هوبكنز بذلك، بل رقص برشاقة عجوز ثمانيني. (حافظ الكاتب على اسم وتاريخ ميلاد أنتوني هوبكنز الحقيقي، لشدة تأثره به). يعلم المخرج الآتي من عالم المسرح، أن للجسد أدواته التمثيلية، فطوْع جسد الممثل ليعطينا لحظاتٍ من الإشراق.
أبعد من ذلك، لا يمكن أن نتغاضى عن أداء أوليفيا كولمان، في سياق مراجعة فيلم الأب التي جاء حضورها محبباً ولطيفاً. الشخصية غير معقدة، لكن الصراع الذي تعيشه، تجسدَ بانفعال عاطفي صادق، وحركة جسدٍ، تنمُ عن حرفية عالية في الأداء السينمائي.
فيلم الأب: بين العاطفة والفكر
هل الفيلم عاطفي؟ نعم، إذ لا يمكن المحافظة على مسافة عاطفية مع أنتوني. فماذا يطرح فيلم الأب: هل هدفه تجسيد فكرة النسيان، وهول تلك اللحظة التي تفقدنا كل ما عشناه؟ أم هدفه أن نرى جموح الذاكرة؟ أسئلة تجعل المتفرج، جالساً يفكر ويحلل ويتعاطف. تجعله غير سلبي، وبمجرد أن يتوه المتفرج في قلب الأحداث ويعيشها، يكون المخرج نجح فعلاً في تحريك أشياء عند المتفرج.
علاوة على ذلك يقول مخرج فيلم الأب فلوريان زيلر: “إن الهدف من صناعةالسينما هو مشاركة أفكار وعواطف مع الآخربن، لنجعلهم يشعرون بأشياء لا يمكن أن يتصوروا حجمها ووقعها”. هذا ما يصبو الفيلم إليه: حياتنا وأيامنا والأحداث التي نعيشها، والشخصيات من حولنا، قد تمحوها الذاكرة في يوم من الأيام.
تقوم مصادر المعلومات على مقالة كتبها مخرج فيلم الأب، لـ TIIF Festival:
شاهدت مجموعه من افلام السير انتوني هوبكنز وهذا الممثل اعتبره وحش تمثيل من خلال تجسيده للشخصيات التي يقوم بها ومن افلامه المهمه التي شاهدتها فيلم الملك لير فقد احسست بأني في صالة عرض مسرحي اشاهد مسرحيه من مسرحيات شكسبير وكان اداءه لايقل عن اداء دوره في فيلم الأب مع مساحة الحركه بالفيلم الأول اكبر منها بالفيلم الأخير ولو رجعت قليلاً الى الوراء فلابد ان اعرج على فيلم صمت الحملان والذي نال عنه جائزة الأوسكار مع دوره لم يتعدى 16 دقيقه في الفيلم ! . أمس شاهدت فيلمه ( قابل جو بلاك ) الرجل الذي يقابل الموت بصورة شاب جميل يعرفه على الحياة الدنيا قبل ان يرحل معه الى الأبديه . ممثل يستحق التقدير والأحترام من خلال اداءه وأختياره للأدوار التي يقوم به .
مدوّنة ماكيت، تشكر كل من يعبر عن آرائه التي نعكس خلفياته الثقافية الغنية والمتنوعة، وندعوكم لاستكمال مساحة النقاش، لما لها من قوة تأثير على التغيير.
Remarkable idea and it is duly
It is our pleasure to hear that from you Trubbash. Keep reading.