لوحة «الشهيد» لفاطمة العرارجي: المرأة كإلهة فرعونية

تميّزت مواضيع أعمال الفنانة المصريّة فاطمة العرارجي (1931-2022)، بالتفاعل مع الأحداث السياسيّة والاجتماعيّة، كالعدوان الثلاثي على مدينة «بور سعيد»، والحروب التي أعقبتها. خلال مسيرتها الفنيّة، عكفت الفنانة على البحث عن هويّتها الفنيّة كمصريّة عربيّة، وكإنسانة تعيش في عالم زاخر بالثقافات والأحداث، وأخيراً كامرأة تنظر إلى العالم من حولها بعين الأنثى.
حاولت العرارجي، في أعمالها، أن تمجّد دور المرأة المصريّة، دون افتعال أو دعاية، ولعلّ لوحاتها التي جاءت بعنوان «الشهيد» حيث تجتمع عدد من النساء، حاملات جسد رجل، وهنَّ في زِيهن الريفي، ليس إلاّ محاولة تخليد وتمجيد لصلابة المرأة العربيّة المصريّة.
يتضّح لنا، في هذه اللّوحة تأثر الفنانة المصرية الراحلة، بالمدرسة التعبيريّة الألمانيّة، غير أنّ أسلوبها يتميّز بالعفوية وعدم التكلّف، فيذكرنا نوعاً ما بأساليب الفن البدائي. أمّا الشهيد الذي تحمله النساء، يشبه إلى حدٍّ ما، الشخوص في رسومات الحضارة الفرعونيّة، وقد تكون هذه محاولة مقصودة من الفنانة بالعودة إلى جذور الفن المصري.
قد يتشابه أسلوب الفنانة مع عدد من الفنانين المصريين المؤثرين في الحركة التشكيليّة المصريّة، أمثال عبد الهادي الجزّار، حامد عويّس، وبعض أعمال تحيّة حليم. إلّا أنّ ما يميّز أعمالها هو الإختزال غير المبالغ فيه.
بالتالي، ومن خلال الخطوط والألوان، فقط، تخلق الفنانة نوعاً من التفاعل الأوَّلي بين المشاهد ولوحتها. على غرار الأجساد التي تتشكّل في اللوحة عبر كتلة واحدة مع رؤوسها. إلّا أنّ الوجوه، ورغم البساطة في تشكيلها، تستطيع أن تشعرنا بقوّة المرأة العربيّة ووجعها في آنٍ واحد.