مراجعة فيلم Blonde: نهاية مارلين مونرو على يدي أندرو دومينيك

قد يكون فيلم «شقراء» (2022.إنتاج نيتفلكس)، الأكثر إباحية ودمويةً. إنّه أشبه باستباحة لحياة الممثلة الأميركية مارلين مونرو (1926- 1962). إحدى أشهر النجمات في العالم، وأكثرهم إثارة للجدل، على مر تاريخ الشاشة الكبيرة. من الطفولة القاسية، والشهرة الصاعدة، وصولاً للموت الملحمي، الذي توّج قصتها. قبل مراجعة فيلم Blonde، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الفيلم أحدث ضجة، بعد صدوره، وتلقى انتقادات كثير. فمعظم التقييمات النقدية والجماهيرية، كانت متدنية، بحجة أن الفيلم، قد شوّه صورة مونرو، في أذهننا.
في البناء السردي لفيلم «شقراء». يتصاعد حجم العذابات التي عاشتها مونرو، مع الخط التصاعدي الذي يسلكه الفيلم، كما هي حال أغلب أفلام السيرة الذاتية. تبدأ أحداث فيلم Blonde، بأسلوب سردي قصصي للأحداث، وتنطلق مع قصة نورما جين، الطفلة التي قاست من الأم وعذاباتها واضطراباتها، وغياب صورة الأب، الحقيقية، وصولاً إلى مارلين، النجمة الأميركية الجامحة.
ينتمي هذا الفيلم إلى التصنيف الرقابي NC-17، وهو التصنيف الرقابي الأعلى. أوغل Blonde، عميقاً، في علاقات مونرو الجنسية، وأدخلنا في حميمة مبتذلة، وخادشة، وسطحية. فهل شوّه المخرج النيوزلندي أندرو دومينيك (1967)، صورة مارلين، أم أنه قدمها بكل هذه الفجاجة؟ وهل، ربما، اعتمد هذا النمط السردي، على مستوى الشكل والمضمون، لإيصال ما يريده في النهاية؟
صعود وسقوط نجمة الإثارة:
في مراجعة فيلم Blonde، لابد من تفكيك صورة الفيلم الحقيقة، والتساؤل عن أهدافه. فكيف يمكن فهم هذا الشكل السينمائي؟ هل من خلال أسلوبه، أم البناء السردي؟ الفيلم لا يحكيّ حياة مارلين الجميلة، ولا حتى ما وصلنا من صور، وأفلام، وأفكار عنها. إنما يمر بشكل غليظ، و بأسلوب إخراجي قد يكون فريداً، للبعض، على صعود وسقوط هذه النجمة، و ما مرت به من مشاكل وصدمات. فلماذا قد تلقى الفيلم هذه الانتقادات النقدية والجماهيرية، بحجة أن الفيلم يشوه صورة مارلين مونرو؟
علاوة على ذلك، وفي مراجعة فيلم Blonde، يمكن القول إن المخرج اعتمد الأسلوب السردي الواقعي. نظرة على طفولة صعبة وقاسية من خلال جنون الأم، وفقدان الأب، وترابط فكرة فقدان الأب مع كافة أحداث الفيلم حتى النهاية، وصولاً إلى صعودها كممثلة ونجمة بأقذر الأساليب الممكنة. مما يدفع المشاهد للتشكيك عن كيفية وصول نجوم هوليوود إلى أعلى سلم النجومية؟ وهل أن حالهم، مثل حال مارلين؟ أم أن المخرج أراد تجسيد هذا النظام الممنهج بهذه الطريقة؟
مع تسلسل الأحداث يتكشّف الجانب الإنساني والطفولي، لنورما جين. في ظل تعقيدات وصراعات نفسية وفنية، دائماً ما كانت عفوية هذه الفتاة، هي السابقة على أي قرار. كانت النجمة، إنسانية وعفوية في تعاملها مع الأشخاص. وفي علاقتها العاطفية، دائماً ما نراها شخصاً غير مبالٍ. وفي الوقت نفسه، كانت تبحث عن شيئ ينقصها. عن الأب، ربما. دائماً ما كانت تعود، بمخيلتها وذاكرتها، إلى الدار الذي عاشت فيه. كانت تبحث عن العائلة، وسط دمار، وموت، وحب، وإجهاض، وعنف جسدي ونفسي.
لا يمكن عدم المرور، على العلاقة الثلاثية، مع ابن تشارلي تشابلن وابن إيدي روبرتسون، وتأثير هذه العلاقة عليها. الطريقة التي صورت بها، كانت ساذجة. التعامل مع فكرة التعددية لم تحمل أي شيئ. قد لا تحمل لنا، كمشاهدين، سوى تصوير واضح وصريح، للحياة الهوليودية.
كل هذه الممارسات، أوصلت النجمة الشقراء إلى أن تكون واحدة من أكثر النجمات جموحاً، في السر والعلن. لكن ذلك، أتي، بتجسيد ساذج، دون أن يجعلنا ولو للحظة، نحب الشخصية، أو نشاهد، ولو قليلاً، مراحل مشرقة من حياتها، عاشتها، في بيتها، مع أصدقائها. ألهذا الحد كانت النجمة، سوداء؟
عبثية وعدم ترابط زمني:
الفيلم هو دراسة شخصية تاريخية. تشوبه عيوب فنية كما معظم أفلام السيرة الذاتية، مثل أفلام Walk The Line (2005). عند مراجعة فيلم Blonde، نشير إلى أنه سقط في فخ القفزات الزمنية، وعدم انتظام أسلوب سرده. كان محكوماً بعبثية الانتقال ما بين الأحداث، وعدم الترابط الفني في العديد من الحوارات.
قد يُحسب للفيلم، اعتماده الكادرات المصغرة، لحصر مارلين في الشاشة، ومحاولة إسقاط هذا الحصر على حالتها النفسية. وأيضاً لأن الفيلم، يحكي قصة من العصر الذهبي، لصناعة السينما في هوليوود، والتي كانت تعتمد الكادر نفسه.
على مستوى الأداء التمثيلي. فقد قدمت الممثلة الكوبية آنا دي أرماس (1988)، أداءً مبهراً. تفوقت على نفسها، من خلال طريقة الكلام و العفوية، وإظهار ملامح الترقب والخوف، بالنظرات. كما أنها نجحت بإظهار الجانب الشهواني والجنسي من حياة مارلين.
في نهاية مراجعة فيلم Blonde، وعلى الرغم من أننا نظرنا بشكل أوسع على حياة مارلين الصعبة، التي أراد الفيلم تجسيدها. لكن، لم نصل إلى الحقيقة الغامضة لوفاة مارلين مونرو. لأن ما تم تجسيده في هذه القصة، هو متداول ما بين الجمهور، تحديداً عن كيفية وفاتها التي لم تكن مقنعة، حتى أن الفيلم نفسه جسدها بطريقة سريعة، بدون بناء جيد، ولأن وفاة مارلين، يحمل قصة مختلفة، ربما. فكيف سقطت مارلين مونرو؟