«مهرجان طرابلس المسرحي الدولي»: إحياء للذاكرة الثقافية الضائعة

شهدت مدينة طرابلس في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حركة ثقافية وفنية مميزة. إذ ضمّت ما يقارب 35 صالة سينما. ولكن، مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية منتصف السبعينات، بدأ ارتياد دور السينما، وما رافقها من مواكبة للحركة الثقافة والفنية، بالتلاشي إلى حدّ الإنعدام. هذا ما حوّل المعالم الثقافية في المدينة إلى أماكن مهجورة، شاهدة على حرب دموية أطاحت بكل جوانب الحضارة، والتطوّر الفكري، والإنفتاح الثقافي، لتصبح طرابلس مدينة مهمشة ومهملة. اليوم، يعود «مهرجان طرابلس المسرحي الدولي»، ليعيد للمدينة دورها الذي فقدته.
علاوة على ذلك، أعلنت «جمعية تيرو للفنون»، التي يديرها الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي، إعادة افتتاح «سينما أمبير»، التي تعد من أقدم صالات السينما الطرابلسية، حيث تمّ افتتاحها في ثلاثينات القرن المنصرم، حسبما يذكر الكاتب والمخرج اللبناني هادي زكاك، صاحب كتاب «العرض الأخير: سيرة سيلما طرابلس». لتتحول إلى مسرح وطني، إمتداداً للمشروع الذي بدأ فيه اسطنبولي منذ أربع سنوات، بهدف إحياء الحركة الثقافية من جديد، خارج حدود العاصمة بيروت، بعدما تمّت إعادة النبض إلى «سينما الحمرا» في صور، و «سينما ستارز» في النبطية.
يشدد إسطنبولي على ضرورة تحقيق اللاّمركزية الثقافية، وكسر الجدار الوهمي الذي خلقته الظروف السياسية والإقتصادية بين المناطق اللبنانية.
نتيجة لهذا، ستقام الدورة الأولى من «مهرجان طرابلس المسرحي الدولي» في الفترة الممتدّة من 27 لغاية 30 آب – أغسطس. بالمقابل، ستضمّ «سينما أمبير» التي سيعاد افتتاحها، ورشات تدريبيّة، وعروض دوليّة ومحليّة. وقدّ تمّ فتح باب التقديم للمشاركة في المهرجان من لبنان والخارج حتى 30 حزيران- يونيو، الجاري.
«مهرجان طرابلس المسرحي الدولي»: خطوة نحو اللامركزية الثقافية
ضمن هذا السياق، يذكر إسطنبولي أن الهدف من ترميم «سينما أمبير»، وإقامة المهرجان، هو تأسيس حركة مسرحية ممتدّة في المناطق اللبنانية كافّة. كما التأكيد على ضرورة إعادة إحياء جزء صغير من الحركة الثقافية المنسية.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد إسطنبولي على ضرورة تحقيق اللاّمركزية الثقافية، وكسر الجدار الوهمي الذي خلقته الظروف السياسية والإقتصادية بين المناطق اللبنانية. خاصة أن الهدف ليس تجارياً، وإنما هو مشروع للحفاظ على الإرث الثقافي الذي امتلكته مدينة طرابلس في السابق، واستعادة هويتها المفقودة في ظل هذه الأحداث الصاخبة التي نعيشها اليوم، بحسب ما يذكر اسطنبولي.

وأخيراً، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ «جمعية تيرو للفنون» تهدف من خلال ترميم وتأهيل المعالم الثقافية في لبنان، إلى فتح مساحات وفضاءات ثقافية شبه مجانية. وذلك بهدف إقامة الأنشطة والمعارض الفنية، وبرمجة العروض السينمائية والتعليمية للأطفال والشباب. بالإضافة إلى نسج شبكات تبادلية مع مهرجانات دولية، وفتح فرصة للمخرجين الشباب لعرض إنتاجاتهم السينمائية، وتعريف الجمهور بتاريح السينما.